جبل حرمون المقدس والمعالم الثقافية المرتبطة به
لبنان
تاريخ التقديم: 11/07/2019
المعايير: (ii)(iii)(vi)
التصنيف: ثقافي
مُقدَّم من:
الوفد الدائم للبنان لدى اليونسكو
الدولة، المحافظة أو المنطقة:
لبنان – الجنوب
الإحداثيات:
36S 765459.614555 3700346.8308141
الرقم المرجعي: 6432
الوصف
يقع جبل حرمون في جنوب سهل البقاع على الحدود بين سوريا ولبنان، ويمكن الوصول إليه من بلدة راشيا، التي تُعتبر واحدة من أجمل البلدات اللبنانية، حيث تعود القلعة التاريخية والأسواق القديمة فيها إلى القرن السابع عشر.
يعود أصل اسم “حرمون” إلى الجذر السامي ḥrm والذي يعني “المقدس”، ويُعرف أيضًا في العربية باسم جبل الشيخ أي “جبل الرئيس”. يرتفع الجبل إلى 9,232 قدمًا (2,814 مترًا)، مما يجعله أعلى نقطة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. يُعتبر هذا الجبل موقعًا استراتيجيًا مقدسًا منذ العصر البرونزي، وذُكر في ملحمة جلجامش. تعود أولى المستوطنات في المنطقة إلى عام 200 ق.م، ويمثل جبل حرمون الحد الشمالي الغربي لامتداد بني إسرائيل بقيادة موسى ويشوع. كما يُقال إنه المكان الذي اختاره السيد المسيح ليكون موقع التجلي.
تم ذكر جبل حرمون 15 مرة في الكتاب المقدس بأسماء مختلفة:
- حرمون (كما أطلقه الكنعانيون عباد بعل، وذُكر في سفر الملوك).
- سيريون (كما سماه الصيدونيون – الفينيقيون).
- سنير (كما أطلقه عليه الأموريون).
احتل السلوقيون المنطقة بعد 200 ق.م، ثم حكمها الإيطوريون حتى سقوط مملكة حلقيّة، حيث انتقل الإقليم إلى الملوك الهيروديين: أغريبا الأول وأغريبا الثاني. وبعد القرن الأول الميلادي، خضعت المنطقة لسيطرة مدن دمشق وصيدا وبانياس. يُعتقد أن المنطقة كانت مأهولة حتى القرن الثالث الميلادي.
كان جبل حرمون مقدسًا أيضًا لدى الرومان، حيث يقع أعلى معبد في العالم القديم على قمته، والمعروف اليوم باسم قصر عنتر. كما توجد معابد أخرى على منحدراته تحمل نقوشًا يونانية يعود تاريخها إلى حوالي 200 ميلادية. تم اكتشاف أكثر من 30 مزارًا ومعبدًا في هذه المنطقة الجغرافية، مما يعزز من أهميتها التاريخية.
إلى جانب المجتمعات المسيحية والإسلامية، يُعد جبل حرمون أيضًا موقعًا مقدسًا للطائفة الدرزية، التي تشكل أغلبية القرى المحيطة بالجبل.
عند سفح الجبل تنبع أهم مصدرين لنهر الأردن، مما يجعله موقعًا مقدسًا يجمع بين الطبيعة والتراث الأثري، وهو جدير بأن يكون وجهة حج عالمية.
مبررات القيمة العالمية الاستثنائية
يحتضن جبل حرمون مجمعًا فريدًا من المواقع الأثرية المحفوظة جيدًا والمناظر الثقافية. رغم أن هذه المواقع والمعابد قد تكون بُنيت فوق طبقات أقدم من العمارة، إلا أن المعابد الحالية تُعتبر في الغالب من البناء الروماني، وقد هُجرت إلى حد كبير بعد القرن الرابع الميلادي خلال العصر البيزنطي.
تشير الدراسات المستمرة إلى اختلافات بين أسلوب البناء في معابد جبل حرمون والمعمار الهلنستي والمواقع الأخرى في المنطقة، خصوصًا في حوران والجولان. وقد أشار الباحث هنري سيريج، عند مراجعته لكتاب “المعابد الرومانية في سوريا” لكلاً من كرينكر وزشيتسمان، إلى أن “هذه المعابد تمثل دليلاً على تغيير اجتماعي واقتصادي مهم يستحق أن يكون محور دراسة مستقبلية”. ورغم أهميتها، لا تزال الدراسات حول تاريخ ومعمار هذه المعابد وحياة الشعوب التي استخدمتها محدودة للغاية.
المعايير المعتمدة
- (ii): يُمثل المنظر الثقافي المقدس في جبل حرمون تفاعلًا فريدًا بين مجتمعات دينية متعددة. فالمعابد والنقوش المتنوعة تعكس التبادل الثقافي والتطور الروحي والديني في منطقة نائية من الشرق الأدنى.
- (iii): يشهد هذا الموقع على تقاليد ثقافية فريدة في طقوس العبادة والتقديمات الدينية للجبل المقدس، والتي استمرت عبر العديد من الحضارات منذ العصور القديمة وحتى اليوم.
- (vi): جبل حرمون، بمناظره المقدسة وكثرة القرى والمواقع الأثرية فيه، يُعتبر مثالًا بارزًا لاستخدام الأراضي التقليدي المرتبط بثقافة الحج، مما أدى إلى تطوير بيئات اجتماعية وثقافية فريدة. تعكس المعابد القديمة أسلوبًا معماريًا خاصًا يعكس الممارسات الدينية وأهمية المواكب الليتورجية التي استمرت منذ العصور القديمة حتى يومنا هذا.
بيان الأصالة والتكامل
رغم الحروب والاحتلالات الأجنبية التي شهدتها المنطقة، إلا أن جبل حرمون المقدس والمواقع الثقافية المرتبطة به لم تتعرض لأضرار كبيرة عبر السنين. لا تزال المعابد وأماكن العبادة بحالة حفظ جيدة مقارنة بباقي المواقع المقدسة في لبنان.
تضم المنطقة المحددة جميع العناصر الضرورية التي تعبر عن قيمتها العالمية الفريدة. فالمعابد المقدسة الرئيسية ما زالت موجودة بأشكالها الأصلية مع تغييرات طفيفة جدًا، كما أن العديد من المواقع والمعالم الأخرى لا تزال محفوظة في أماكنها الأصلية بحالة جيدة.
مقارنة مع مواقع مماثلة
عالميًا، يمكن مقارنة جبل حرمون بعدد من الجبال المقدسة المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، والتي تُعد من بين الأكثر قداسة في العالم.
من بين هذه الجبال:
- جبل آثوس (اليونان)
- تونغاريرو (نيوزيلندا)
- ماتشو بيتشو (بيرو)
- جبل تايشان، جبل أومي، جبل وويي، جبل هوانغ شان (الصين)
- سلسلة جبال كي المقدسة (اليابان)
- الجبل المقدس في قيرغيزستان
بالإضافة إلى هذه الجبال المقدسة، هناك جبال أخرى مشهورة عالميًا مثل:
- جبل كايلاش (التبت)
- جبل فوجي (اليابان)
- جبل إيفرست (نيبال)
- أوتغون تنغر (منغوليا)
تُظهر مقارنة جبل حرمون بهذه الجبال تشابهات متعددة، حيث أن جميعها مواقع ذات أهمية دينية وثقافية عظيمة، وترتبط بممارسات عبادة ومواكب دينية تاريخية.
على غرار جبل تايشان الذي يُعد رمزًا للأمة الصينية، وجبل آثوس الذي يُمثل الموطن الروحي للمسيحية الأرثوذكسية، وجبل فوجي الذي يُعتبر رمزًا ثقافيًا لليابان، فإن جبل حرمون المقدس يحمل أهمية دينية وثقافية استثنائية، متجذرًا في تقاليد العبادة والممارسات الروحانية عبر العصور.
