يُخبئ جبل حرمون في سلسلة جبال لبنان الشرقية محمية طبيعية تعدّ ملاذًا للحياة البرية المهددة والنباتات الفريدة. أُعلنت هذه المنطقة المحمية في أواخر عام 2020، وتمتد على مساحة 1,260 هكتارًا في قضاء راشيا، محافظة البقاع. بفضل غاباتها العريقة من أشجار البلوط، ونباتاتها الطبية، وأنواعها الحيوانية النادرة، تُعتبر محمية جبل حرمون رمزًا للحفاظ على الطبيعة في المنطقة.
بقعة تنوع بيولوجي مهددة بالخطر
يُعرف جبل حرمون بتنوعه النباتي الغني، حيث يضم مجموعة واسعة من أشجار البلوط والخبيزة والزعرور واللوز البري، إلى جانب أكثر من 100 نوع نباتي يُستخدم في الطب التقليدي. لكن الأمر لا يقتصر على النباتات، فالمحمية تُعتبر أيضًا موطنًا رئيسيًا للثدييات مثل الذئاب والضباع والقطط البرية. علاوة على ذلك، تشكل المحمية نقطة عبور رئيسية للطيور المهاجرة، خاصةً النسر السهوب (Aquila nipalensis) المهدد بالانقراض.
رغم أهميتها البيئية، يواجه جبل حرمون تهديدات متزايدة بسبب تدهور الموائل، والقطع الجائر للأشجار، والرعي الجائر، والتوسع البشري. ولمواجهة هذه التحديات، حدد مشروع BioConnect ثلاثة ميزات تنوع بيولوجي رئيسية تحتاج إلى حماية عاجلة:
- الذئب الرمادي (Canis lupus) – كان الذئب الرمادي مشهدًا مألوفًا في المنطقة، لكن أعداده تضاءلت بشكل ملحوظ خلال العقود الثلاثة الماضية. وعلى الرغم من تصنيفه عالميًا ضمن قائمة “الأقل قلقًا”، إلا أن ندرته في جبل حرمون تثير مخاوف بشأن استمرارية وجوده.
- أفعى لبنان (Montivipera bornmuelleri) – تُعدّ هذه الأفعى المستوطنة مهددة عالميًا بسبب تدمير موائلها، والرعي الجائر، واضطهاد السكان المحليين لها، إذ يُنظر إليها كتهديد. كما يهددها النشاط العسكري والتطورات البنية التحتية في المنطقة.
- بلوط برانتي (Quercus brantii) – يُعتبر هذا النوع من البلوط مستوطنًا في جبل حرمون ومحمية الشوف، لكنه مهدد بشكل خطير بسبب القطع الجائر وانتهاكات القوانين البيئية. ويعد الحفاظ على هذه الأشجار ضروريًا للحفاظ على التوازن البيئي للمحمية.
الإجراءات المتخذة لحماية جبل حرمون
إدراكًا للحاجة الملحة لحماية هذه الأنواع، أطلق مشروع BioConnect مبادرات مستهدفة للحفاظ على التنوع البيولوجي:
- إشراك المجتمع المحلي وزيادة الوعي: توعية المجتمعات المحلية بأهمية أفعى لبنان والذئب الرمادي، والتعاون مع الصيادين لضمان تطبيق قوانين الصيد اللبنانية.
- إعادة التشجير والحماية: تنفيذ مشاريع إعادة التحريج وفرض رقابة مشددة للحد من القطع الجائر للأشجار.
- الرصد والبحث العلمي: إجراء دراسات بيئية ومسح لمواقع الأنواع الرئيسية لتتبع أعدادها وتحسين جهود الحفظ.
- تعزيز دوريات الحماية: زيادة مراقبة المحمية والحد من الأنشطة غير القانونية التي تهدد النظام البيئي.
جهد جماعي من أجل مستقبل مستدام
حماية التنوع البيولوجي في جبل حرمون ليست مسؤولية الخبراء والسلطات فحسب، بل هي جهد جماعي يشمل المجتمعات المحلية، والمتطوعين، والطلاب، والبلديات. يعمل فريق متخصص من خبراء الحفاظ على البيئة وحراس المحمية والباحثين بلا كلل لمراقبة الحياة البرية، واستعادة الغابات، ونشر الوعي حول أهمية حماية هذا النظام البيئي الفريد.
من خلال الجهود المستمرة، يمكن أن تظل محمية جبل حرمون ملاذًا نابضًا بالحياة للتنوع البيولوجي اللبناني، لضمان أن يرث الجيل القادم بيئة غنية بالحياة والجمال الطبيعي.
إعداد:
لارا قانصو، مشروع BioConnect – مسؤولة تقنية، محمية الشوف للمحيط الحيوي
خلود حرب، مشروع BioConnect – مسؤولة الإعلام، محمية الشوف للمحيط الحيوي
