أجرت صفاء بيضون ونزار هاني وهيثم الزين وفريقهم بحثًا حديثًا، نُشر في مجلة Human Ecology (أبريل 2024)، حيث قدم رؤى قيّمة حول كيفية إمكانية اعتبار هذا الموقع الفريد نموذجًا للحفاظ على التنوع البيولوجي الثقافي.
استخدمت الدراسة إطار القيم والقواعد والمعرفة (VRK) لاستكشاف هذه الديناميكيات، حيث تم مسح 126 مخبرًا محليًا. كشفت النتائج عن فهم عميق للقيم الأداتية والعلاقية والجوهرية للجبل. حيث أكد 50.84% من المشاركين على القيم الأداتية، مثل دور الجبل كمصدر للمياه، وأرض خصبة للزراعة، ومركز للسياحة البيئية. في المقابل، أبرز 41.88% القيم العلاقية، مثل الإحساس بالمكان، والهوية الاجتماعية، والروحانية. أما القيم الجوهرية، التي تعترف بحق الطبيعة في الوجود المستقل، فقد تم ذكرها بنسبة 7.28%، مما يجعلها الأقل تداولًا ولكنها لا تزال ذات أهمية.
يتمتع جبل حرمون في لبنان بتاريخ طويل من الاستيطان البشري، ينعكس في معالمه الطبيعية وبيئته، مما يجعل النهج البيولوجي الثقافي ذا أهمية كبيرة للحفاظ على هذا الإقليم الجبلي. خلال عامي 2022-2023، أجرينا مقابلات شبه منظمة مع 126 مخبرًا محليًا مستخدمين إطار (VRK). وقد أظهرت النتائج أن القيم الأداتية لهذا الإقليم (مثل موارد المياه، والسياحة، والأراضي الزراعية، والتربة الخصبة) كانت الأكثر ذكرًا من قبل المشاركين (50.84%)، تليها القيم العلاقية (مثل الهوية الاجتماعية، والإحساس بالمكان، والعلاقة الروحانية بين الإنسان والطبيعة) بنسبة 41.88%، بينما كانت القيم الجوهرية للطبيعة كغاية بحد ذاتها (مثل حق الطبيعة في الوجود المستقل) الأقل ذكرًا بنسبة 7.28%.
في الوقت نفسه، تم تحديد التزامن بين القواعد الرسمية (62.26% من الاقتباسات) والقواعد غير الرسمية (37.74%) بين الفاعلين الذين يمتلكون معرفة بيئية محلية كبيرة (LEK) حول استخدام الموارد في 70.27% من الحالات. كما أظهر تحليل المكونات الرئيسية خمس علاقات قوية بين التفاعلات التمكينية أو المتضاربة داخل إطار VRK، مما يستدعي النظر عن كثب في استراتيجيات الحفاظ التشاركي الفعالة التي تراعي كلًّا من التنوع البيولوجي والثقافي في هذه المنطقة الحيوية.
تساهم نتائجنا في فهم أعمق للسياق الاجتماعي البيئي لنظام جبل حرمون البيئي، كما تسهم في توجيه عملية صنع القرار نحو تخطيط وإدارة فعالة للحفاظ على هذا الموقع الهام على المستويين المحلي والدولي.
ملاحظات
- تعرف اتفاقية التنوع البيولوجي (CBD) التنوع البيولوجي الثقافي على أنه التنوع البيولوجي والتنوع الثقافي والروابط بينهما (CBD، 2016، 2018).
- تعني كلمة “حِمى” في اللغة العربية “مكان محمي” أو “منطقة محمية” يُمنع الوصول إليها في فترات معينة للسماح بتجديد الغطاء النباتي، لا سيما في المراعي.
- يعود اسم “حرمون” إلى الجذر السامي “حرم” والذي يعني “الجبل المقدس”.
- ورد ذكر جبل حرمون في العديد من النصوص الدينية، مثل:
- المزمور 42:6: “يَا إِلَهِي، نَفْسِي مُنْحَنِيَةٌ فِيَّ، لِذَلِكَ أَذْكُرُكَ مِنْ أَرْضِ الأُرْدُنِّ وَمِنْ جِبَالِ حَرْمُونَ”.
- المزمور 133: 1-3: “هُوَذَا مَا أَطْيَبَ وَمَا أَحْلَى أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا! مِثْلُ الدُّهْنِ الطَّيِّبِ عَلَى الرَّأْسِ النَّازِلِ عَلَى اللِّحْيَةِ، لِحْيَةِ هَارُونَ، النَّازِلِ إِلَى طَرَفِ ثِيَابِهِ. مِثْلُ نَدَى حَرْمُونَ”.
- يُشار إلى الجبل في سفر أخنوخ كموقع نزول الملائكة الساقطة إلى الأرض. كما يُعتبر أحد المواقع المحتملة لتجلي المسيح، وفقًا لبعض الباحثين والمجتمعات المحلية.
- تُحافظ المجتمعات المسيحية والمسلمة والدرزية في لبنان على ارتباطات روحية قوية بالجبل، مثل عيد التجلي في 6 أغسطس، بالإضافة إلى المقامات الدينية مثل مقام الشيخ الفاضل (محمد أبي هلال) في كوكبا وعين عطا، ومقام القديس جرجس (الخضر) في عين عرب.
- تم تجريب الاستبيان الأولي وتعديله قبل المسح الميداني.
- تقع الأراضي المفتوحة التي شملها البحث تحت سلطة بلدية راشيا.
حول هذه الدراسة
Baydoun, S., Hani, N., Zein, H.E. et al.
تقييم أولي للقيم المجتمعية والقواعد والمعرفة البيئية التقليدية لجبل حرمون، لبنان: رؤى رئيسية نحو الحفاظ على التنوع البيولوجي الثقافي.
Human Ecology 52, 319–334 (2024). https://doi.org/10.1007/s10745-024-00488-3
للمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على الدراسة الكاملة في مجلة Human Ecology عبر هذا الرابط.