Duration: 11 months (April 2024 – February 2025)
في قلب لبنان، حيث يقف الجمال الوعر لجبل حرمون شاهدًا على التراث الطبيعي الغني للمنطقة، تنطلق مبادرة جديدة. منظمة “البيئة من أجل الحياة” شرعت في رحلة تحولية للترويج للممارسات الزراعية المستدامة في القرى المحيطة بالمنطقة المحمية حديثًا في جبل حرمون. بدعم من منحة بقيمة 17,000 دولار أمريكي من صندوق الشراكة للنظم البيئية الحرجة (CEPF)، تهدف هذه المبادرة إلى تحقيق التوازن بين الزراعة وجهود الحفاظ على البيئة، مما يضمن بيئة مزدهرة للمزارعين المحليين والتنوع البيولوجي.
منطقة غنية بالتحديات والفرص
يُعد جبل حرمون جزءًا من البقعة الساخنة للتنوع البيولوجي في حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث يضم مجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات. ومع ذلك، فإن الممارسات التقليدية لاستخدام الأراضي، على الرغم من كونها جزءًا من التراث الثقافي، تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب متطلبات الزراعة الحديثة. فالأساليب الزراعية غير المستدامة والاستخدام المفرط للأسمدة الكيميائية وتدهور الأراضي تهدد كلًا من سبل العيش والتوازن البيئي في المنطقة.
من هذا المنطلق، تدخلت منظمة “البيئة من أجل الحياة” لسد الفجوة بين الزراعة والحفاظ على البيئة، موجهة المزارعين نحو ممارسات مستدامة تتماشى مع الحفاظ على التنوع البيولوجي.
تمكين المزارعين وحماية الطبيعة
تركز المبادرة على الترويج لاستخدام الأسمدة الصديقة للبيئة والتقنيات الزراعية التي تعزز صحة التربة مع تقليل التأثير البيئي. ومن خلال سلسلة من حملات التوعية والدورات التدريبية، يتم تعريف المزارعين وصناع القرار في القرى المجاورة بأساليب مبتكرة وعملية تحافظ على الإنتاجية دون الإضرار بالنظام البيئي.
يشارك المزارع المحلي أحمد خليل تجربته قائلاً: “كنت أعتمد بشكل كبير على الأسمدة الكيميائية دون معرفة آثارها طويلة الأمد. من خلال التدريب الذي تلقيته، بدأت في استخدام بدائل عضوية تحافظ على صحة محاصيلي وتجعل أرضي خصبة للأجيال القادمة.”
بناء القدرات لتحقيق تأثير دائم
إلى جانب دعم المزارعين، تركز المبادرة على تعزيز إدارة منطقة جبل حرمون المحمية نفسها. يتلقى حراس المنطقة المحمية، الذين يعملون كأوصياء على هذا الموئل الحيوي، تدريبات متخصصة لتعزيز قدرتهم على مراقبة التنوع البيولوجي وحمايته. علاوة على ذلك، يجري العمل على تحسين خطة إدارة المنطقة المحمية، مما يضمن دمج استراتيجيات الحفظ مع ممارسات استخدام الأراضي المستدامة.
يؤكد حسن درويش، وهو أحد حراس المنطقة المحمية، على أهمية هذه الجهود قائلاً: “من خلال التدريب والموارد الأفضل، يمكننا حماية هذه الأرض بشكل أكثر فاعلية. الأمر لا يتعلق بالحفاظ على جبل حرمون اليوم فحسب، بل من أجل الأجيال القادمة أيضًا.”
رؤية للمستقبل
هذه المبادرة ليست مجرد تدخل قصير المدى، بل تمثل تحولًا في العقلية والممارسة. من خلال تزويد المزارعين وصناع القرار وإدارة المنطقة المحمية بالأدوات والمعرفة التي يحتاجونها، تعمل منظمة “البيئة من أجل الحياة” على تعزيز نموذج للتعايش حيث تزدهر الزراعة والحفاظ على البيئة معًا.
ومع تقدم المشروع نحو إنجازه في فبراير 2025، فإن تأثيره سيمتد إلى ما هو أبعد من جبل حرمون، ليكون مثالًا يُحتذى به في مناطق أخرى تسعى إلى تحقيق التوازن بين احتياجات سبل العيش والمسؤولية البيئية. ومع استمرار التعاون والالتزام، ستنمو بذور الاستدامة التي تُزرع اليوم إلى مستقبل مزدهر ومستدام للمناظر الطبيعية الزراعية والطبيعية في لبنان على حد سواء.