تقييم القيمة البيولوجية لمواقع الزيتون في منطقة جبل حرمون ذات الأهمية البيولوجية الرئيسية وتحديد التأثيرات البيئية للممارسات الزراعية المختلفة في لبنان

المدة: 6 أشهر (أبريل 2019 – أكتوبر 2019)

في قلب منطقة جبل حرمون ذات الأهمية البيولوجية الرئيسية (KBA) في لبنان، تقف بساتين الزيتون القديمة شاهدة صامتة على قرون من الزراعة التقليدية. لطالما وفرت هذه الأراضي سبل العيش للمجتمعات المحلية، وفي الوقت ذاته حافظت على نظام بيئي غني وفريد. إلا أن التحول التدريجي من الممارسات الزراعية التقليدية إلى الأساليب الحديثة يهدد هذا التوازن الدقيق.

أجرت منظمة البيئة من أجل الحياة (E.f.L)، بدعم من الصندوق التعاوني للنظم البيئية الحرجة (CEPF)، دراسة حديثة لتقييم القيمة البيولوجية لمواقع الزيتون في جبل حرمون وتحديد التأثيرات البيئية للممارسات الزراعية المختلفة. هدفت هذه المرحلة التحضيرية، الممتدة من أبريل إلى أكتوبر 2019، إلى تمهيد الطريق لجهود الحفظ المستقبلية من خلال جمع مختلف الأطراف المعنية لمناقشة ممارسات زراعية مستدامة توازن بين الحفاظ على التنوع البيولوجي والنمو الاقتصادي.

الكشف عن التنوع البيولوجي في جبل حرمون

عبر مسوحات ميدانية مكثفة ومشاركة مجتمعية، وثّقت الدراسة تنوعًا مذهلاً في الأنواع الموجودة ضمن بساتين الزيتون. فقد تم تحديد 221 نوعًا نباتيًا، من بينها 24 نوعًا متوطنًا، مما يؤكد أهمية جبل حرمون كملاذ حيوي للنباتات. كما كشفت المسوحات الخاصة بالحياة البرية عن وجود 12 نوعًا من الثدييات، و95 نوعًا من الطيور (بما في ذلك ستة أنواع مهددة عالميًا)، و11 نوعًا من الزواحف والبرمائيات، ثلاثة منها مهددة بالانقراض وفقًا لمعايير الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN).

يقول د. سليم حمادة، منسق المشروع في E.f.L:
“لم يكن هناك توثيق كافٍ لقيمة التنوع البيولوجي في جبل حرمون قبل هذه الدراسة. نتائجنا تسلط الضوء على أهمية الحفاظ على زراعة الزيتون التقليدية كوسيلة لحماية هذه الأنواع.”

من التقليد إلى الحداثة: تهديد للتنوع البيولوجي

حددت الدراسة ثلاثة أنواع رئيسية من زراعة الزيتون في المنطقة:

  1. المزارع التقليدية منخفضة المدخلات – تتميز بأشجار زيتون معمّرة، واستخدام محدود للمواد الكيميائية، ومدرجات حجرية تقليدية.
  2. المزارع التقليدية المكثفة – تحافظ على التصميم التقليدي، ولكنها تعتمد على المدخلات الحديثة مثل الأسمدة الصناعية والمبيدات بشكل متزايد.
  3. المزارع الحديثة المكثفة – تتضمن زراعة عالية الكثافة، وأنظمة ميكانيكية، وريًا كثيفًا.

وجدت الدراسة أن الأنظمة التقليدية تدعم تنوعًا بيولوجيًا عاليًا، بينما ترتبط الممارسات الحديثة بتأثيرات بيئية سلبية، مثل تآكل التربة، واستنزاف المياه، وفقدان الموائل الطبيعية. كما أدى الاستخدام المفرط للمبيدات العشبية والحشرية إلى انخفاض أعداد الملقحات والطيور، مما أخلّ بالنظام البيئي الطبيعي.

إشراك الأطراف المعنية: مسار نحو ممارسات مستدامة

إحدى النتائج البارزة للمشروع كانت إشراك مجموعة واسعة من الجهات المعنية، بما في ذلك وزارة الزراعة، ووزارة البيئة، والبلديات المحلية، والمزارعين، والتعاونيات، والمؤسسات البحثية. أسفرت هذه الجهود عن وضع خطة شاملة لإشراك أصحاب المصلحة، مما يمهّد الطريق لمبادرات مستقبلية تعزز الزراعة المستدامة للزيتون.

خلال ورشة عمل نُظمت في أكتوبر 2019 في راشيا، أبدى المشاركون اهتمامًا كبيرًا باعتماد الممارسات الزراعية الجيدة (GAPs). وقال أحد المزارعين:
“ندرك أن أساليب زراعة الزيتون التقليدية لدينا ليست مجرد إرث ثقافي، بل هي أيضًا أساسية لصحة أراضينا. لقد ساعدنا هذا المشروع في فهم أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي مع ضمان استدامة الإنتاج.”

توصيات لمستقبل أكثر خضرة

استنادًا إلى نتائج الدراسة، تم اقتراح مجموعة من التوصيات ذات الأولوية للتخفيف من تأثيرات الزراعة المكثفة:

استعادة المدرجات الحجرية التقليدية للحد من تآكل التربة.
الترويج للزراعة العضوية لتقليل الاعتماد على المواد الكيميائية وتعزيز التنوع البيولوجي.
تنظيم الرعي للحفاظ على توازن النظام البيئي.
تقليل استخدام المياه واعتماد تقنيات حفظها للحفاظ على الموارد المائية.
تطبيق قوانين تنظيم الصيد لحماية الطيور المهددة.
تشجيع شهادات الزراعة العضوية لتحسين وصول المزارعين إلى الأسواق وتعزيز الممارسات المستدامة.

المستقبل: تأمين بساتين الزيتون في جبل حرمون

استنادًا إلى نجاح هذه المرحلة التحضيرية، قدمت E.f.L مقترحًا للمرحلة الثانية من المشروع، والتي ستركز على تنفيذ تقنيات الزراعة المستدامة، وتدريب المزارعين، واستكشاف برامج الشهادات لتحسين الجدوى الاقتصادية للزراعة التقليدية.

في ظل التحديات البيئية التي تواجه لبنان، تُعد مبادرات كهذه نموذجًا يُحتذى به لدمج الحفاظ على البيئة مع التنمية الزراعية. فبساتين الزيتون في جبل حرمون ليست مجرد مصدر للرزق، بل جزء أساسي من التراث الطبيعي للبنان، يستحق الحماية والرعاية للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

الأنواع المتوطنة

The most common annual Anthemis of Mt Hermon highlands | 2000+ Hhermon | Photo © albert keshet
Anthemis rasheyana

إقحوان راشيا

أنثيميس الرشايانية (Anthemis rasheyana)، المعروفة باسم إقحوان راشيا، هي نوع من النباتات المزهرة موطنها منطقة راشيا في لبنان. تنتمي إلى عائلة النجمية (Asteraceae) وترتبط...
Hermon Maple

قيقب حرمون

القيقب الحرموني (Acer hermoneum) هو نوع نادر من أشجار القيقب موطنه شرق البحر الأبيض المتوسط، ويوجد بشكل رئيسي في لبنان وسوريا، بما في ذلك...
النعار السوري

النعار السوري

طائر النعار السوري (Serinus syriacus)، المعروف أيضًا باسم النعار الشرقي، هو طائر عصفور صغير ينتمي إلى عائلة الشرشوريات (Fringillidae). يوجد هذا الطائر في منطقة...